البهتان
البهتان: - وهو إتّهام المؤمن، والتجني عليه، بما لم يفعله، وهو أشد إثماً وأعظم جرماً من الغيبة، كما قال اللّه عز وجل: «ومن يكسب خطيئة أو إثماً، ثم يَرمِ به بريئاً، فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً»
(النساء: 112).
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: «من بهت مؤمناً أو مومنة، أو قال فيه ما ليس فيه، أقامه اللّه تعالى يوم القيامة على تلٍّ من نار، حتى يخرج مما قاله فيه»(1).
_____________________
(1) سفينة البحار م 1 ص 110 عن عيون أخبار الرضا عليه السلام.
النميمة
وهي: نقل الأحاديث التي يكره الناس إفشاءها ونقلها من شخص الى آخر، نكاية بالمحكي عنه ووقيعةً به.
والنميمة من أبشع الجرائم الخُلقية، واخطرها في حياة الفرد والمجتمع، والنمّام ألأم الناس وأخبثهم، لاتصافه بالغيبة، والغدر، والنفاق، والافساد بين الناس، والتفريق بين الأحباء.
لذلك جاء ذمّه، والتنديد في الآيات والأخبار:
قال تبارك وتعالى: «ولا تُطِع كل حلاّف مهين، همّاز مشّاء بنميم، منّاع للخير معتد أثيم، عتلّ بعد ذلك زنيم» (القلم: 10 - 13).
والزنيم هو الدعيّ، فظهر من الآية الكريمة، أنّ النميمة من خلال الأدعياء، وسجايا اللقطاء.
وقال سبحانه: «ويل لكل هُمزةٍ لُمزة» فالهُمزَة النمّام واللمزة المغتاب.
وعن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله:
«ألا اُنبئكم بشراركم. قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: المشّاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبّة، الباغون للبراء العيب»(1).
وقال الباقر عليه السلام: «محرمة الجنة على العيّابين المشائين بالنميمة»(2).
وقال الصادق عليه السلام للمنصور: «لا تقبل في ذي رحمك، وأهل الرعاية من أهل بيتك، قول من حرّم اللّه عليه الجنة، وجعل مأواه النار، فإن النمام شاهد زور، وشريك إبليس في الاغراء بين الناس، فقد قال اللّه تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات: 6) (3).
_____________________
(1)، (2) الوافي ج 3 ص 164 عن الكافي.
(3) البحار كتاب العشرة ص 190 عن أمالي الصدوق.
{ 232 }
بواعث النميمة:
للنميمة باعثان:
1 - هتك المحكيّ عنه، والوقيعة به.
2 - التودد والتزلف للمحكيّ له بنم الأحاديث اليه.
مساوئ النميمة:
تجمع النميمة بين رذيلتين خطيرتين: الغيبة والنَّم، فكل نميمة غيبة، وليست كل غيبة نميمة، فمساوئها كالغيبة، بل أنكى منها وأشّد، لاشتمالها على إذاعة الأسرار، وهتك المحكيّ عنه، والوقيعة فيه، وقد تسول سفك الدماء، واستباحة الأموال، وانتهاك صنوف الحرمات، وهدر الكرامات.
كيف تعامل النمّام:
وحيث كان النمّام من أخطر المفسدين، وأشدهم إساءة وشراً بالناس، فلزم الحذر منه، والتوقي من كيده وإفساده، وذلك باتّباع النصائح الآتية:
1 - أن يكذب النمام، لفسقه وعدم وثاقته، كما قال تعالى: «إن
جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات: 6).
2 - أن لا يظن بأخيه المؤمن سوءاً، بمجرد النمّ عليه، لقوله تعالى: «اجتنبوا كثيراً من الظن إنّ بعض الظن إثم» (الحجرات: 12).
3 - أن لا تبعثه النميمة على التجسس والتحقق عن واقع النمّام، لقوله تعالى: «ولاتجسسوا» (الحجرات: 12).
4 - أن لا ينمّ على النمّام بحكاية نميمته، فيكون نماماً ومغتاباً، في آن واحد.
وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: «أن رجلاً أتاه يسعى اليه برجل. فقال: يا هذا نحن نسأل عما قلت، فان كنت صادقاً مقتناك، وإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك. قال: أقلني يا أمير المؤمنين»(1).
وعن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: «قلت له: جعلت فداك، الرجل من إخوتي يبلغني عنه الشيء الذي أكره له، فأسأله عنه فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات. فقال لي: يا محمد كَذّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة، وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم، ولا تذيعن عليه شيئاً تشينه به، وتهدم به مروته، فتكون من الذين قال اللّه عز وجل: «إن الذين يحبون أن تشيع
_____________________
(1) سفينة البحار م 2 ص 613.
{ 234 }
الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة» (النور: 19)(1).
———————————————————————
(1) البحار م 15 كتاب العشرة ص 188 عن ثواب الأعمال للصدوق.
السعاية
ومن متممات بحث النميمة (السعاية): وهي أقسى صور النميمة، وأنكاها جريرة وإثماً، إذ تستهدف دمار المسعى به وهلاكه بالنّم عليه، والسعاية فيه لدى المرهوبين، من ذوي السلطة والسطوة.
وأكثر ضحايا السعاية هم المرموقون من العظماء والأعلام، المحسودون على أمجادهم وفضائلهم، مما يُحفّز حاسديهم على إذلالهم، والنكاية بهم، فلا يستطيعون سبيلاً الى ذلك، فيكيدونهم بلؤم السعاية، إرضاءاً لحسدهم وخبثهم، بيد أنه قد يبطل كيد السعاة، وتُخفق سعايتهم، فتعود عليهم بالخِزي والعقاب، وعلى المسعي به بالتبجيل والاعزاز.
لذلك كان الساعي من ألأم الناس، وأخطرهم جناية وشراً، كما جاء عن الصادق عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال: «شر الناس المثلث؟ قيل: يا رسول اللّه ومن المثلث؟ قال: الذي يسعى بأخيه الى السلطان، فيهلك نفسه، ويهلك أخاه، ويهلك السلطان»(2).
_____________________
(2) البحار م 15 كتاب العشرة ص 191 عن كتاب الامامة والتبصرة.
الفحش والسب والقذف
الفحش هو: التعبير عمّا يقبح التصريح به، كألفاظ الوقاع، وآلاته مما يتلفظ به السفهاء، ويتحاشاه النبلاء، ويعبّرون عنها بالكنابة والرمز كاللمس والمس، كناية عن الجماع.
وهكذا يكنّي الأدباء عن ألفاظ ومفاهيم يتفادون التصريح بها لياقة وأدباً، كالكناية عن الزوجة بالعائلة، وأم الأولاد، وعن التبول والتغوط، بقضاء الحاجة، والرمز الي البرص والقرع بالعارض مثلاً، إذ التصريح بتلك الألفاظ والمفاهيم مُستهَجَن عند العقلاء والعارفين.
وأما السب فهو: الشتم، نحو «يا كلب، يا خنزير، يا حمار، يا خائن» وأمثاله من مصاديق الاهانة والتحقير.
وأما القذف: نحو يا منكوح، أو يا ابن الزانية، أو يا زوج الزانية، أو يا أخت الزانية.
وهذه الخصال الثلاث من أبشع مساوئ اللسان، وغوائله الخطيرة، التي استنكرها الشرع والعقل، وحذّرت منها الآثار والنصوص.
أما الفحش: فقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في ذمّه: «إن اللّه حرّم الجنة على كل فحّاش بذيء، قليل الحياء، لا يُبالي
{ 236 }
ما قال ولا ما قيل له، فانك إن فتشته لم تجده الا لغية، أو شرك شيطان فقيل يا رسول اللّه وفي الناس شرك شيطان؟! فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: أما تقرأ قول اللّه تعالى: «وشاركهم في الأموال والأولاد» (الاسراء: 64)(1).
المراد بمشاركة الشيطان للناس في الأموال دفعهم على كسبها بالوسائل المحرمة، وإنفاقها في مجالات الغواية والآثام. وأما مشاركته في الأولاد: فبمشاركته الآباء في حال الوقاع إذا لم يسموا اللّه تعالى عنده، وولد غية أي ولد زنا.
وعن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: إن من شرار عباد اللّه من تُكره مجالسته لفحشه»(2).
وقال الصادق عليه السلام: «من خاف الناس لسانه فهو في النار»(3).
وقال عليه السلام لنفر من الشيعة: «معاشر الشيعة كونوا لنا زيناً، ولا تكونوا علينا شيناً، قولوا للناس حُسناً، واحفظوا ألسنتكم، وكفّوها عن الفضول وقبيح القول»(4).
وأما السب: فعن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: سَبَابُ المؤمن فُسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه
_____________________
(1)، (2)، (3) الوافي ج 3 ص 160 عن الكافي.
(4) البحار م 15 ج 2 ص 192 عن امالي الشيخ الصدوق وامالي ابن الشيخ الطوسي.
معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه»(1).
وعن أبي الحسن موسى عليه السلام في رجلين يتسابان فقال: «البادئ منهما أظلم، ووزره ووزر صاحبه عليه، ما لم يتعدّ المظلوم»(2).
وأما القذف: فقد قال الباقر عليه السلام: «ما من إنسان يطعن في مؤمن، إلا مات بشر ميتة، وكان قمناً أن لا يرجع الى خير»(3).
وكان للامام الصادق عليه السلام صديق لايكاد يفارقه إذا ذهب مكاناً، فبينما هو يمشي معه في الحذائين، ومعه غلام سِندِي يمشي خلفهما، إذ التفت الرجل يريد غلامه ثلاث مرات فلم يره، فلما نظر في الرابعة قال: يابن الفاعلة أين كنت؟!
قال الراوي: فرفع الصادق يده فصلت بها جبهة نفسه، ثم قال: سبحان اللّه تقذف أمه!! قد كنت أريتَني أن لك ورعاً، فاذا ليس لك ورع. فقال: جعلت فداك إن أمه سندية مشركة. فقال: أما علمت أن لكل أمة نكاحاً، تنح عني.
قال الراوي: فما رأيته يمشي معه، حتى فرّق بينهما الموت»(4).
_____________________
(1) الوافي ج 3 ص 160 عن الكافي والفقيه.
(2)، (3)الوافي ج 3 ص 160 عن الكافي.
(4) الوافي ج 3 ص 161 عن الكافي.
بواعث البذاء
من الواضح أن تلك المهاترات والقوارص، تنشأ غالباً عن العداء،
أو الحسد، أو الغضب، وسوء الخُلق، وكثيراً ما تنشأ عن فساد التربية، وسوء الأدب، باعتياد البذاء وعدم التحرج من آثامه ومساوئه.
مساوئ المهاترات:
لا ريب أن لتلك المهاترات من الفحش، والسب، والقذف، أضراراً خطيرة وآثاماً فادحة:
فمن مساوئها: أنها تجرد الانسان من خصائص الانسانية المهذبة، وأخلاقها الكريمة، وتسمه بالسفالة والوحشية.
ومنها: أنها داعية العداء والبغضاء، وإفساد العلاقات الاجتماعية، وإيجابها المقت والمجافاة من أفراد المجتمع.
ومنها: أنها تعرض ذويها لسخط اللّه تعالى وعقابه الأليم، كما صورته النصوص السالفة.
لذلك جاء التحريض على رعاية اللسان، وصونه عن قوارص البذاء.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «اللسان سبع إن حُلّي عنه عقر».
ارجو من الله سبحانة وتعلى ان نكون على هدى محمدا والى محمد الطيبين الطاهرين
رجوان يكون يوم الجمعة يوم عيد و محبة
.
البهتان: - وهو إتّهام المؤمن، والتجني عليه، بما لم يفعله، وهو أشد إثماً وأعظم جرماً من الغيبة، كما قال اللّه عز وجل: «ومن يكسب خطيئة أو إثماً، ثم يَرمِ به بريئاً، فقد احتمل بهتاناً وإثماً مبيناً»
(النساء: 112).
وقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: «من بهت مؤمناً أو مومنة، أو قال فيه ما ليس فيه، أقامه اللّه تعالى يوم القيامة على تلٍّ من نار، حتى يخرج مما قاله فيه»(1).
_____________________
(1) سفينة البحار م 1 ص 110 عن عيون أخبار الرضا عليه السلام.
النميمة
وهي: نقل الأحاديث التي يكره الناس إفشاءها ونقلها من شخص الى آخر، نكاية بالمحكي عنه ووقيعةً به.
والنميمة من أبشع الجرائم الخُلقية، واخطرها في حياة الفرد والمجتمع، والنمّام ألأم الناس وأخبثهم، لاتصافه بالغيبة، والغدر، والنفاق، والافساد بين الناس، والتفريق بين الأحباء.
لذلك جاء ذمّه، والتنديد في الآيات والأخبار:
قال تبارك وتعالى: «ولا تُطِع كل حلاّف مهين، همّاز مشّاء بنميم، منّاع للخير معتد أثيم، عتلّ بعد ذلك زنيم» (القلم: 10 - 13).
والزنيم هو الدعيّ، فظهر من الآية الكريمة، أنّ النميمة من خلال الأدعياء، وسجايا اللقطاء.
وقال سبحانه: «ويل لكل هُمزةٍ لُمزة» فالهُمزَة النمّام واللمزة المغتاب.
وعن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله:
«ألا اُنبئكم بشراركم. قالوا: بلى يا رسول اللّه. قال: المشّاؤون بالنميمة، المفرقون بين الأحبّة، الباغون للبراء العيب»(1).
وقال الباقر عليه السلام: «محرمة الجنة على العيّابين المشائين بالنميمة»(2).
وقال الصادق عليه السلام للمنصور: «لا تقبل في ذي رحمك، وأهل الرعاية من أهل بيتك، قول من حرّم اللّه عليه الجنة، وجعل مأواه النار، فإن النمام شاهد زور، وشريك إبليس في الاغراء بين الناس، فقد قال اللّه تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات: 6) (3).
_____________________
(1)، (2) الوافي ج 3 ص 164 عن الكافي.
(3) البحار كتاب العشرة ص 190 عن أمالي الصدوق.
{ 232 }
بواعث النميمة:
للنميمة باعثان:
1 - هتك المحكيّ عنه، والوقيعة به.
2 - التودد والتزلف للمحكيّ له بنم الأحاديث اليه.
مساوئ النميمة:
تجمع النميمة بين رذيلتين خطيرتين: الغيبة والنَّم، فكل نميمة غيبة، وليست كل غيبة نميمة، فمساوئها كالغيبة، بل أنكى منها وأشّد، لاشتمالها على إذاعة الأسرار، وهتك المحكيّ عنه، والوقيعة فيه، وقد تسول سفك الدماء، واستباحة الأموال، وانتهاك صنوف الحرمات، وهدر الكرامات.
كيف تعامل النمّام:
وحيث كان النمّام من أخطر المفسدين، وأشدهم إساءة وشراً بالناس، فلزم الحذر منه، والتوقي من كيده وإفساده، وذلك باتّباع النصائح الآتية:
1 - أن يكذب النمام، لفسقه وعدم وثاقته، كما قال تعالى: «إن
جاءكم فاسق بنبأ فتبينوا أن تصيبوا قوماً بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين» (الحجرات: 6).
2 - أن لا يظن بأخيه المؤمن سوءاً، بمجرد النمّ عليه، لقوله تعالى: «اجتنبوا كثيراً من الظن إنّ بعض الظن إثم» (الحجرات: 12).
3 - أن لا تبعثه النميمة على التجسس والتحقق عن واقع النمّام، لقوله تعالى: «ولاتجسسوا» (الحجرات: 12).
4 - أن لا ينمّ على النمّام بحكاية نميمته، فيكون نماماً ومغتاباً، في آن واحد.
وقد روي عن أمير المؤمنين عليه السلام: «أن رجلاً أتاه يسعى اليه برجل. فقال: يا هذا نحن نسأل عما قلت، فان كنت صادقاً مقتناك، وإن كنت كاذباً عاقبناك، وإن شئت أن نقيلك أقلناك. قال: أقلني يا أمير المؤمنين»(1).
وعن محمد بن الفضيل عن أبي الحسن موسى عليه السلام قال: «قلت له: جعلت فداك، الرجل من إخوتي يبلغني عنه الشيء الذي أكره له، فأسأله عنه فينكر ذلك، وقد أخبرني عنه قوم ثقات. فقال لي: يا محمد كَذّب سمعك وبصرك عن أخيك، فإن شهد عندك خمسون قسامة، وقال لك قولاً فصدّقه وكذّبهم، ولا تذيعن عليه شيئاً تشينه به، وتهدم به مروته، فتكون من الذين قال اللّه عز وجل: «إن الذين يحبون أن تشيع
_____________________
(1) سفينة البحار م 2 ص 613.
{ 234 }
الفاحشة في الذين آمنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة» (النور: 19)(1).
———————————————————————
(1) البحار م 15 كتاب العشرة ص 188 عن ثواب الأعمال للصدوق.
السعاية
ومن متممات بحث النميمة (السعاية): وهي أقسى صور النميمة، وأنكاها جريرة وإثماً، إذ تستهدف دمار المسعى به وهلاكه بالنّم عليه، والسعاية فيه لدى المرهوبين، من ذوي السلطة والسطوة.
وأكثر ضحايا السعاية هم المرموقون من العظماء والأعلام، المحسودون على أمجادهم وفضائلهم، مما يُحفّز حاسديهم على إذلالهم، والنكاية بهم، فلا يستطيعون سبيلاً الى ذلك، فيكيدونهم بلؤم السعاية، إرضاءاً لحسدهم وخبثهم، بيد أنه قد يبطل كيد السعاة، وتُخفق سعايتهم، فتعود عليهم بالخِزي والعقاب، وعلى المسعي به بالتبجيل والاعزاز.
لذلك كان الساعي من ألأم الناس، وأخطرهم جناية وشراً، كما جاء عن الصادق عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلى اللّه عليه وآله قال: «شر الناس المثلث؟ قيل: يا رسول اللّه ومن المثلث؟ قال: الذي يسعى بأخيه الى السلطان، فيهلك نفسه، ويهلك أخاه، ويهلك السلطان»(2).
_____________________
(2) البحار م 15 كتاب العشرة ص 191 عن كتاب الامامة والتبصرة.
الفحش والسب والقذف
الفحش هو: التعبير عمّا يقبح التصريح به، كألفاظ الوقاع، وآلاته مما يتلفظ به السفهاء، ويتحاشاه النبلاء، ويعبّرون عنها بالكنابة والرمز كاللمس والمس، كناية عن الجماع.
وهكذا يكنّي الأدباء عن ألفاظ ومفاهيم يتفادون التصريح بها لياقة وأدباً، كالكناية عن الزوجة بالعائلة، وأم الأولاد، وعن التبول والتغوط، بقضاء الحاجة، والرمز الي البرص والقرع بالعارض مثلاً، إذ التصريح بتلك الألفاظ والمفاهيم مُستهَجَن عند العقلاء والعارفين.
وأما السب فهو: الشتم، نحو «يا كلب، يا خنزير، يا حمار، يا خائن» وأمثاله من مصاديق الاهانة والتحقير.
وأما القذف: نحو يا منكوح، أو يا ابن الزانية، أو يا زوج الزانية، أو يا أخت الزانية.
وهذه الخصال الثلاث من أبشع مساوئ اللسان، وغوائله الخطيرة، التي استنكرها الشرع والعقل، وحذّرت منها الآثار والنصوص.
أما الفحش: فقد قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله في ذمّه: «إن اللّه حرّم الجنة على كل فحّاش بذيء، قليل الحياء، لا يُبالي
{ 236 }
ما قال ولا ما قيل له، فانك إن فتشته لم تجده الا لغية، أو شرك شيطان فقيل يا رسول اللّه وفي الناس شرك شيطان؟! فقال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: أما تقرأ قول اللّه تعالى: «وشاركهم في الأموال والأولاد» (الاسراء: 64)(1).
المراد بمشاركة الشيطان للناس في الأموال دفعهم على كسبها بالوسائل المحرمة، وإنفاقها في مجالات الغواية والآثام. وأما مشاركته في الأولاد: فبمشاركته الآباء في حال الوقاع إذا لم يسموا اللّه تعالى عنده، وولد غية أي ولد زنا.
وعن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: إن من شرار عباد اللّه من تُكره مجالسته لفحشه»(2).
وقال الصادق عليه السلام: «من خاف الناس لسانه فهو في النار»(3).
وقال عليه السلام لنفر من الشيعة: «معاشر الشيعة كونوا لنا زيناً، ولا تكونوا علينا شيناً، قولوا للناس حُسناً، واحفظوا ألسنتكم، وكفّوها عن الفضول وقبيح القول»(4).
وأما السب: فعن أبي جعفر عليه السلام قال: «قال رسول اللّه صلى اللّه عليه وآله: سَبَابُ المؤمن فُسوق، وقتاله كفر، وأكل لحمه
_____________________
(1)، (2)، (3) الوافي ج 3 ص 160 عن الكافي.
(4) البحار م 15 ج 2 ص 192 عن امالي الشيخ الصدوق وامالي ابن الشيخ الطوسي.
معصية، وحرمة ماله كحرمة دمه»(1).
وعن أبي الحسن موسى عليه السلام في رجلين يتسابان فقال: «البادئ منهما أظلم، ووزره ووزر صاحبه عليه، ما لم يتعدّ المظلوم»(2).
وأما القذف: فقد قال الباقر عليه السلام: «ما من إنسان يطعن في مؤمن، إلا مات بشر ميتة، وكان قمناً أن لا يرجع الى خير»(3).
وكان للامام الصادق عليه السلام صديق لايكاد يفارقه إذا ذهب مكاناً، فبينما هو يمشي معه في الحذائين، ومعه غلام سِندِي يمشي خلفهما، إذ التفت الرجل يريد غلامه ثلاث مرات فلم يره، فلما نظر في الرابعة قال: يابن الفاعلة أين كنت؟!
قال الراوي: فرفع الصادق يده فصلت بها جبهة نفسه، ثم قال: سبحان اللّه تقذف أمه!! قد كنت أريتَني أن لك ورعاً، فاذا ليس لك ورع. فقال: جعلت فداك إن أمه سندية مشركة. فقال: أما علمت أن لكل أمة نكاحاً، تنح عني.
قال الراوي: فما رأيته يمشي معه، حتى فرّق بينهما الموت»(4).
_____________________
(1) الوافي ج 3 ص 160 عن الكافي والفقيه.
(2)، (3)الوافي ج 3 ص 160 عن الكافي.
(4) الوافي ج 3 ص 161 عن الكافي.
بواعث البذاء
من الواضح أن تلك المهاترات والقوارص، تنشأ غالباً عن العداء،
أو الحسد، أو الغضب، وسوء الخُلق، وكثيراً ما تنشأ عن فساد التربية، وسوء الأدب، باعتياد البذاء وعدم التحرج من آثامه ومساوئه.
مساوئ المهاترات:
لا ريب أن لتلك المهاترات من الفحش، والسب، والقذف، أضراراً خطيرة وآثاماً فادحة:
فمن مساوئها: أنها تجرد الانسان من خصائص الانسانية المهذبة، وأخلاقها الكريمة، وتسمه بالسفالة والوحشية.
ومنها: أنها داعية العداء والبغضاء، وإفساد العلاقات الاجتماعية، وإيجابها المقت والمجافاة من أفراد المجتمع.
ومنها: أنها تعرض ذويها لسخط اللّه تعالى وعقابه الأليم، كما صورته النصوص السالفة.
لذلك جاء التحريض على رعاية اللسان، وصونه عن قوارص البذاء.
قال أمير المؤمنين عليه السلام: «اللسان سبع إن حُلّي عنه عقر».
ارجو من الله سبحانة وتعلى ان نكون على هدى محمدا والى محمد الطيبين الطاهرين
رجوان يكون يوم الجمعة يوم عيد و محبة
.